ما حكم إعاذة المستعيذ بالله؟

ما حكم إعاذة المستعيذ بالله؟، الاستعاذة بالله سبحانه وتعالى من الأمور المشروعة في دين الإسلام، وهي من سُنن الفطرة ومن أصول الأدب الشرعي بين المسلمين. وهي أن يقول الشخص: “أعوذ بالله من كذا”، يلجأ فيها إلى الله تعالى ويلوذ بجنابه من شر ما يخاف أو يحذر. لكن قد يقع أن يأتي أحد ويستعيذ بشخص آخر فيقول: “أعوذ بالله ثم بك” أو “أعوذ بك بالله”، فهنا يرد سؤال مهم: ما حكم إعادة المستعيذ بالله؟ وهل يجوز رد من استعاذ باسم الله؟.
ما حكم إعاذة المستعيذ بالله؟
الاستعاذة في اللغة: الالتجاء والتحصّن.
وفي الشرع: طلب الحماية من الله تعالى من شر ما يُخاف، كقولك: “أعوذ بالله من الشيطان الرجيم”.
حكم إعادة المستعيذ بالله
اتفق أهل العلم على أن إعادة المستعيذ بالله واجبة من باب تعظيم اسم الله تعالى، وإجلالاً له سبحانه، وحرمةً لمن استعاذ به.
الأدلة على ذلك:
قول الله تعالى:
﴿وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله﴾ [التوبة: 6]
ومعنى “استجارك” أي طلب الجوار والأمان، وقد أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يُؤمنه، رغم كونه مشركًا، فكيف بمسلم يستعيذ بالله؟!
ما روي عن بعض السلف أن رجلاً طرق باب أحدهم وقال: “أعوذ بالله”، ففتح له وقال: “لقد استعذت بمن لا يُرد”.
ورُوي أن ابن عمر رضي الله عنهما إذا سمع أحدًا يقول “أعوذ بالله”، قال له: “أنت في جوار الله، فلا يُرد عليك”.
أقوال أهل العلم
الإمام النووي رحمه الله قال:
“إذا استعاذ أحد بالله تعالى، فقد وجب احترام استعاذته، ومن ردّه فقد استخفّ باسم الله عز وجل”.
ابن القيم رحمه الله ذكر في “بدائع الفوائد”:
“من استعاذ بالله عندك، فقد استجار بك بأعظم اسم، فلا يجوز رده”.
الشيخ ابن عثيمين رحمه الله سُئل: ما حكم من قال “أعوذ بالله” فرفض الآخر إيواءه أو نصره؟
فقال:
“لا يجوز رد من استعاذ بالله، وهذا من تعظيم اسم الله، ومَن ردّه فقد عرض نفسه لذنب عظيم”.
في واقع الناس اليوم
قد يستعيذ بك شخص في موقف ما كأن يقول:
- “أعوذ بالله أن تفضحني”
- “أعوذ بالله أن تؤذيني”
- “أعوذ بالله أن تطردني”
فهنا يجب على المستمع احترام الاستعاذة بالله وعدم ردّها، إلا إن كان في ذلك تعدٍّ للحق أو ظلم للآخرين، فهنا يُرد برفق مع تعظيم اسم الله، كأن يقول:
“أنت استعذت بالله، ولكن لا أملك هذا الأمر، أو فيه ظلم لغيرك”.
الاستثناء المشروع
إن استعاذ إنسان بالله لطلب شيء فيه مخالفة شرعية أو ظلم أو تعدٍّ على حقوق الناس، فلا يجب على السامع تحقيق طلبه، ولكن يجب أن يُظهر تعظيم اسم الله، كأن يقول:
“لا أستطيع، وأنت في ذمة الله، ولكني لا أملك الأمر، وأسأل الله أن يُعينك”.
خاتمة
إعادة المستعيذ بالله ليست مجرد أدب، بل هي حكم شرعي قائم على تعظيم الله عز وجل. فمن استعاذ بالله، وجب إكرامه واحترامه، ومن رده فقد وقع في باب من أبواب الاستخفاف باسم الله. فعلينا أن نُربي أنفسنا على تعظيم الله في أقوالنا وأفعالنا، وأن نُكرم من لجأ إلى الله أمامنا.